بالمقلوب .. “العدل والإحسان” تشارك مع اليسار الجذري في الانتخابات
في منعطف سياسي تاريخي، تبحث جماعة العدل والإحسان، التي يعتبرها الكثيرون أكبر جماعة إسلامية في المغرب، عن طريقة سياسية للإعلان عن مشاركتها في الانتخابات المقبلة، لأول مرة في تاريخها
مصادر صفحة “بالمقلوب” توصلت إلى معطيات مفادها أن جماعة الراحل عبد السلام ياسين شرعت في رسم خطط مستقبلية للمرحلة الجديدة، التي تتعلق بالمشاركة السياسية
وأضافت المصادر ذاتها أن الجماعة ستتحول إلى حزب سياسي لتتمكن من المشاركة في الانتخابات المقبلة، وأن الفكرة بدأت صغيرة لتكتمل ملامحها بعد دراسة وتقييم مسار الجماعة طيلة سنوات مضت
وتؤكد المصادر نفسها أن هناك أصواتا داخل “العدل والإحسان” كانت تنادي بضرورة التدافع السياسي على أرض الواقع، عوض اتخاذ مواقف سياسية جاهزة فقدت صلاحيتها من النظام القائم ومؤسساته الدستورية والوطنية، غير أنها كانت أصواتا قليلة سرعان ما خبت بسبب “صقور الجماعة”، الذين يرفضون قطعا الحديث عن أي مصالحة مع النظام السياسي
والذي تغير، وفق مقربين جدا من قيادات إسلامية، أن الجماعة قامت بتقييم شامل لمواقفها ومسارها ومدى حظوتها داخل المجتمع المغربي بعد كل المستجدات والقضايا الراهنة، فتبين لذوي “الحل والعقد” داخل التنظيم أن فوائد المشاركة السياسية ستكون أكثر من المساوئ
ووفق المصادر عينها، فإن ما دفع الجماعة إلى تغيير موقفها 180 درجة كونها لمست مدى بعدها عن الواقع السياسي والاجتماعي الذي يعيشه المغاربة، واستسهال ترديد الشعارات الطنانة التي فطن إليها الناس ولم تعد تنطلي على كثير منهم
وسجلت تحليلات وتقارير داخلية قامت بها الجماعة أنه كلما استمرت على نهجها الرافض لكل مشاركة في السياسة، ورفضها للمؤسسات القائمة، وترديدها شعارات متكررة منذ السبعينيات إلى اليوم، كلما فقدت وهجها وبريقها، اللذين كانا يشكلان رصيدها القوي أيام المرشد الروحي الراحل عبد السلام ياسين
هذا التحول الكبير في مواقف ومبادئ “العدل والإحسان”، تضيف المصادر المقربة، لم يكن سهلا ولا يسيرا، فقد تسبب في حصول مخاض سياسي كبير أفضى إلى سجالات وخصامات بلغت حد تهديد بعض القيادات بالاستقالة من التنظيم في حال موافقة مجلس الإرشاد على قرار المشاركة السياسية
وتشتغل الجماعة حاليا على برنامج وميثاق جديد بأفكار ومبادئ سياسية تساير الواقع المغربي الراهن، وتروم الإصلاح من داخل النظام القائم، وليس خارجه، أو في موقف الوصاية على الآخرين
هذه الأفكار ستتبنى نبذ الشعارات الكبيرة، من قبيل: “الخلافة الإسلامية”، و”الدستور اللا شعبي”، و”المخزن الفاسد”، وغيرها من المصطلحات التي يرى محللون أنها تعود إلى عهد بائد ليس حتما العهد الجديد الذي تعيشه المملكة
ويبدو أن المفاجآت لا تقف عند هذا الحد أبدا، فقرار المشاركة السياسية، الذي ستعلنه الجماعة في المقبل من الأيام، سيكون مرفوقا بإعلان تحالف سياسي واضح المعالم، وفق مقربين من الجماعة، مع اليسار الراديكالي، ممثلا في حزب النهج الديمقراطي خصوصا، الذي يدرس بدوره فكرة المشاركة في النظام السياسي على غرار “رفاقه اليساريين والشيوعيين القدامى”
ويبدو أن “العدل والإحسان” ستتخذ لها في الانتخابات المقبلة، حال تأكد مشاركتها، رمز “السبحة”، بينما سيحافظ حلفاؤها اليساريون على رمز “المطرقة والمنجل”. لكن.. لا تصدقوا “بالمقلوب”، فلا حدود لخياله السياسي.. وقد يحصل ذلك يوما ما!